في خطوة تعكس التحولات السياسية والدينية التي تشهدها ليبيا، أصدرت السلطات في البلاد قرارًا بمنع الاحتفال بعيد الميلاد (الكريسماس)، وحظرت دخول أي سلع مرتبطة بالاحتفالات الدينية المسيحية، مثل شجرة الميلاد، الصلبان، أو تماثيل بابا نويل. القرار يعكس هيمنة التيارات الإسلامية على الحياة العامة، ما يعكس قلقًا متزايدًا بشأن حقوق الأقليات الدينية في ليبيا.
هذه الخطوة جاءت في إطار ما يراه البعض محاولة لتأصيل الهوية الإسلامية في البلاد بعد سنوات من الصراع الداخلي، فيما يراه آخرون تهديدًا لحرية الأديان والمعتقدات. فقد كانت ليبيا تتمتع بتاريخ طويل من التعايش بين مختلف الطوائف الدينية، لكنها اليوم تواجه تحديات كبيرة في ظل الصراع السياسي والجماعات المسلحة التي تسعى للهيمنة على السلطة.
من ليبيا إلى سوريا: سقوط الدول والمواطنة بعد سيطرة الإخوان الإرهابية:
إن ما يحدث في ليبيا لا يختلف كثيرًا عن الوضع في سوريا، حيث شهدت كلتا الدولتين تدهورًا حادًا في أوضاع المواطنة والحقوق الأساسية بعد بروز الجماعات الإسلامية المتشددة مثل “هيئة تحرير الشام” في سوريا. هذه الجماعات، التي تعتبر من أتباع الفكر السلفي الجهادي، قد أسهمت في تغيير معالم الحياة الاجتماعية والسياسية في البلدين بشكل جذري، مما أدى إلى تراجع مكانة الأقليات الدينية والعرقية.
بينما تحاول العديد من الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، إيجاد حلول سياسية في المنطقة، فإن الواقع على الأرض يختلف تمامًا. في الوقت الذي يصعب فيه تشكيل دولة مركزية قادرة على ضمان حقوق جميع مواطنيها في سوريا وليبيا، يجد المسيحيون والدروز وغيرهم من الأقليات أنفسهم مهددين في حياتهم اليومية.
الدور المنتظر للإدارة الأمريكية الجديدة في حماية الأقليات:
من خلال هذا الوضع المعقد، يبرز دور الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة مع إدارة ترامب القادمة، في ضمان حماية الأقليات الدينية في سوريا وليبيا. يجب على الولايات المتحدة أن تضمن حقوق المسيحيين والدروز والآشوريين وغيرهم من الأقليات داخل هاتين الدولتين. لا بد من ممارسة ضغوط دبلوماسية على القوى الحاكمة في هذه البلدان لضمان الحرية الدينية، بما في ذلك تأمين الأماكن المقدسة والطقوس الدينية الخاصة بهذه الأقليات.
التزام الإدارة الأمريكية القادمة بحماية الحريات الدينية يمكن أن يشكل نقطة تحول حاسمة في الموازين السياسية في الشرق الأوسط. لا سيما في ظل التحولات الجارية في سوريا بعد صعود “هيئة تحرير الشام”، وفي ليبيا حيث يستمر الصراع على السلطة بين مختلف الجماعات الإسلامية.
خاتمة:
إن حماية الأقليات الدينية في سوريا وليبيا ليس مجرد مسألة إنسانية، بل هو ضمان لاستقرار المنطقة ونجاح محاولات السلام. لابد من تفعيل دور المجتمع الدولي لحماية هؤلاء السكان وضمان حرية العقيدة والممارسة الدينية، وهو ما يتطلب التزامًا قويًا من الحكومات العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لضمان حقوق الإنسان في ظل الأنظمة المتغيرة.