حضَّ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون المحامين على استلهام حصانتهم من اخلاقهم، والعمل وفق كرامتهم وقناعاتهم، لتحقيق المصلحة العامة. ودعا الى ان يكون القضاء حازماً وعادلا ويعمل باستقلالية بعيدا عن التدخلات السياسية. وقال:”حتى لو كان الامن مضبوطاً ولم يكن هناك قضاء يحاكم، تغيب المحاسبة”، معتبراً أن القضاء والامن هما أساس إعادة بناء الوطن ومؤسساته، وبتحصينهما نرسل إشارة جيدة للعالم عما يتحقق في لبنان، لاعادة بناء جسور الثقة معه”.
وأكد الرئيس عون حرصه على إتمام التحقيقات في ملف تفجير مرفأ بيروت حتى النهاية، مؤكداً عدم قبوله بتبرئة ظالم، أو بظلم بريء.
كلام رئيس الجمهورية جاء في خلال استقباله قبل ظهر اليوم نقيب المحامين فادي المصري على رأس وفد من النقابة، جاؤوا لتهنئته بانتخابه رئيسا للجمهورية. وجرى في خلال اللقاء عرض عمل نقابة المحامين، والتحديات التي تواجهها.
في مستهل اللقاء، اعتبر النقيب المصري ان انتخاب الرئيس عون يشكل بارقة أمل للبنان بعد كل ما مر به، آملاً تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، تعتمد الكفاءة معيارا وعدم الخضوع لأي ابتزاز.
وشدد على حرص نقابة المحامين على احترام الحريات العامة، التي يجب ان تكون في أولويات المسؤولين، لأن ذلك أساس وجود لبنان، كما شدد على ضرورة الالتزام بالاستحقاقات الدستورية، بعدما عانينا من عدم احترامها طويلا. ورأى ان فرض هيبة الدولة على كل أراضيها هو أولوية أساسية اليوم، كما فرض الامن والاستقرار بعدما تكاثرت عمليات الاخلال بالامن في الفترة الأخيرة.
وأضاف: “السلطة القضائية هي علامة فارقة تجعل من لبنان دولة الحق والقانون، ونحن مصرون على استكمال العمل من اجل استقلالية حقيقية للقضاء، بدءاً من قناعة القضاة أنفسهم بهذه الاستقلالية، وتحصين القضاء ضد التدخلات، وتأمين المقومات اللازمة لعمله”.
وتوجه الى الرئيس عون بالقول: “نحن معكم في أي عمل قانوني وفعلي لتحقيق سلطة قضائية مستقلة ومحصنة تكون الامل الحقيقي لعودة لبنان دولة الحق والقانون والمؤسسات”.
ولفت النقيب المصري الى متابعة نقابة المحامين لملف انفجار مرفأ بيروت، داعيا الى إعادة التحقيق الى مساره العدلي وانجازه واحالة الملف الى المحكمة، لانهاء ثقافة عدم المحاسبة. وفي ملف الودائع المصرفية، رأى انه يجب وضع تشريع خاص لانهاء هذا الملف الشائك، وتوزيع المسؤوليات لمعرفة أسباب ما حصل.
رد الرئيس عون
ورد رئيس الجمهورية على كلام النقيب المصري، معتبراً أن الاخلاق اذا سقطت، سقط معها الوطن. وتوجه الى المحامين بالقول:” لا تنتظروا حصانتكم من القوانين، بل استلهموها من اخلاقكم، اعملوا وفقا لكرامتكم وقناعتكم، ولا تهدفوا الا لتحقيق المصلحة العامة”.
وشدد على التزامه باحترام الحريات العامة، “ولكن عندما يساء استخدام الحرية يحصل خلل كبير، لأن الحرية في النهاية هي مسؤولية”.
وبالنسبة الى الملف الأمني، قال الرئيس عون :” حتى لو كان الامن مضبوطاً ولم يكن هناك قضاء يحاكم، تغيب المحاسبة. فقد تم توقيف عدد كبير من المطلوبين الخطيرين من قبل الأجهزة الأمنية، واطلق سراحهم مع الأسف بعد فترة قصيرة”. ودعا الى ان يكون القضاء حازماً وعادلا ويعمل باستقلالية بعيدا عن التدخلات السياسية. وطلب من المحامين المساعدة لمعالجة الخلل الذي يحصل في هذا المجال. وأضاف: “نريد جميعا تحسين أوضاع البلاد، ويتطلب ذلك ان نعمل معا لتحقيق ذلك. القضاء والامن هما أساس إعادة بناء الوطن ومؤسساته، وبتحصينهما نرسل إشارة جيدة للعالم عما يتحقق في لبنان، لاعادة بناء جسور الثقة معه”.
وعن موضوع ملف انفجار المرفأ، أكد الرئيس عون حرصه على إتمام التحقيقات فيه حتى النهاية، مؤكداً عدم قبوله بتبرئة ظالم، أو بظلم بريء. وجدد التأكيد على أن ملف المودعين في المصارف يجب ان تتم مقاربته بالتعاون بين الدولة ومصرف لبنان وجمعية المصارف والمودعين على حد سواء.
وضم وفد نقابة المحامين كلاً من المحامين: مايا شهاب، جورج يزبك، مايا الزغريني، النقيب ناضر كاسبار، سعد الدين الخطيب، وجيه مسعد، عبده لحود، إسكندر الياس، ايلي قليموس، سعاد شعيب، بشارة عماطوري، يوسف الخطيب، ميلاد حكيم، والنقباء السابقين سمير ابي اللمع، الوزير شكيب قرطباوي، أنطوان قليموس، سليم الاسطا، وبطرس ضومط.
رئيس ديوان المحاسبة
واستقبل الرئيس عون، وفد ديوان المحاسبة برئاسة القاضي محمد بدران وعضوية مدعي عام الديوان القاضي فوزي خميس ورؤساء الغرف: القضاة عبد الرضى ناصر، وانعام البستاني ونيللي ابي يونس.
في مستهل اللقاء، القى القاضي بدران كلمة قال فيها:
“فخامة الرئيس يطيب لي ان ادخل القصر مجددا وقد اصبح له سيد، سيد عرفته خلال اصعب الظروف التي مرت على البلاد وخبرت فيه رجل الدولة الحريص على المؤسسات ومنها ديوان المحاسبة.
ان ديوان المحاسبة وفي ظل احلك الأوقات وخلال السنوات الخمس التي مرت على ترؤسي لهذه المؤسسة الدستورية لم يتوان عن القيام بواجباته رغم قلة الموارد وضآلة الموازنة ونقص العدد بحيث كان القضاة والمراقبون والمدققون والجهاز الإداري يعطون افضل ما عندهم حفاظا على المال العام ومنعا للهدر والفساد وتقارير الديوان، وقراراته المدوية خلال الفترة الماضية اكبر دليل على ذلك حيث تركت اكبر الأثر داخليا وخارجيا. الا ان التصدي للمهام الجسام التي تنتظر الديوان مستقبلا وخاصة في ضوء ما ورد في خطاب القسم يستوجب الدعم والمساندة.
وهذا الدعم يتمثل في وجوه ثلاثة، أولا: دعم الموارد البشرية لجهة ضرورة تعيين قضاة جدد عبر مباراة يجريها معهد الدروس القضائية، كما عبر تعيين مدققين ومراقبين عن طريق مباراة يجريها مجلس الخدمة المدنية، وقد سبق ان استحصل الديوان على استثناء من قانون منع التوظيف الا ان عدم توفر الاعتمادات لدى مجلس الخدمة حال حتى اليوم دون اجراء هذه المباراة.
ثانيا: دعم الموارد المادية عن طريق زيادة موازنة الديوان ليتمكن اقله من اجراء كشوفات ميدانية والاستعانة بالخبرات الفنية اللازمة بمعرض القيام بمهامه واجراء الرقابة اللاحقة.
ثالثا: تعيين رؤساء غرف في المراكز الشاغرة حاليا وعددها ثلاثة كما تعيين قضاة معاونين للمدعي العام لدى الديوان الذي يعمل وحيدا لما لذلك من تأثير على حسن سير العمل وانتظامه.
فخامة الرئيس، انا متيقن ان عهدكم سيكون عهد عودة الامل والازدهار وانتظام عمل المؤسسات وكل ذلك تحت سقف القانون، كما اني متيقن بذات الدرجة ان ديوان المحاسبة سيلقى من فخامتكم كل دعم وتأييد لاستقلاليته، ونحن بالمقابل سنكون عينا ساهرة على حفظ المال العام وحسن انفاقه”.
رد الرئيس عون
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد شاكرا التهنئة مؤكدا على الدور الأساسي الذي يلعبه قضاة ديوان المحاسبة في الحرص على المال العام “الذي هو مالكم ومال الشعب اللبناني”، داعيا الى عدم التردد في رفض المخالفات في المعاملات التي ينظر فيها الديوان في اطار مهمته الرقابية المسبقة والمؤخرة شرط الا تتعرقل هذه المعاملات ويتأخر القرار في شأنها. وقال: “لقد اقسمتم اليمين بعد توليكم مهامكم، فكونوا أوفياء للقسم وليس اسرى الجهات السياسية التي عينتكم، وليكن ولاؤكم لوطنكم واعملوا في سبيل المصلحة العامة لاسيما لجهة المحافظة على المال العام ووقف الهدر والفساد الذي نخر معظم مؤسسات الدولة واداراتها”. ونوه الرئيس عون بما حققه الديوان لجهة انجاز قطع الحساب عن 11 سنة مالية، داعيا الى الاستمرار في هذا العمل المهم والدستوري على رغم ضآلة الإمكانات المتوافرة لدى الديوان.
وفد بلدية العيشية
والتقى الرئيس عون وفدا من بلدية العيشية، بلدة رئيس الجمهورية، برئاسة رئيس البلدية العميد جان عفيف الذي القى كلمة قال فيها:
” بقلوب مليئة بالعزة والفخر وانتصار الحق، جئنا نحن أبناء بلدتكم العيشية، ننقل لفخامتكم تمنياتنا الصادقة والمحبة لاكمال مسيرتكم البطولية كما في قيادة الجيش التي كانت دائما على خط النار ولم تتأخروا يوما عن المهمات الصعبة ابدا، حملتم سيف الحق والرجولة والبطولة في بداية تخرجكم من المدرسة الحربية ووعدتم الوطن والناس ولم تخذلوا يوما قسمكم العسكري حتى نيلكم وسام رئاسة الجمهورية عن عظيم استحقاق. انتم الامل الوحيد للبنانيين بالخلاص من المحن التي يمر بها لبنان. نحن يا فخامة الرئيس، الى جانبكم في التضحيات والمهمات الصعبة. ونسأل الله عز وجل ان يمدكم بالصحة والعمر وغزير الإنتاج لمصلحة الوطن وعزته وسيادته”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد مؤكدا ان بلدته العيشية غالية على قلبه مثل كل البلدات اللبنانية التي زار معظمها منذ كان ضابطا ثم قائدا للجيش، شاكرا العاطفة التي ابداها اهل البلدة بعد انتخابه رئيسا للجمهورية. وشدد على أهمية التمسك بالأرض عموما وفي الجنوب خصوصا، والصمود فيها، مؤكدا انه سيعمل على تنفيذ خطاب القسم ” لان كل كلمة كتبت فيه عبّرت عن معاناة اللبنانيين وتطلعاتهم”.
المدير العام لامن الدولة ونائبه
وفي قصر بعبدا، المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا ونائبه العميد حسن شقير حيث تم عرض الأوضاع الأمنية في البلاد في ضوء التطورات الأخيرة.